أخبار لبنانية

هل المطلوب من المواطن اللبناني أن يموت؟

مرحلة صعبة لا بل ّ شديدة الصعوبة تسيطر على المشهد اللبناني بصورة عامة، فالبلاد الغارقة بأزماتها المتتالية التي وصلت الى مرحلة الاختناق شبه التام والى حالة التفلت من مختلف الضوابط الممكنة
لكن الواقع الحالي، على خطورته ودقته، ليس جديدا ولا يمكن التعاطي معه كحالة طارئة على الشعب اللبناني بمختلف مكوناته ومذاهبه وطوائفه.فالأزمة التي كشّرت عن أنيابها منذ الـ 2019 مبدئيا، انطلقت بمسار تصاعدي رسمه الدولار بشكل واضح ودقيق، اذ انه انتقل من مرحلة الى مرحلة من دون ان يسجل ارتفاعات صادمة الا بمرات قليلة ما دفع “المصرف المركزي” الى التدخل واتباع سياسة اللجم بغض النظر عن صوابيتها وعن مدى قدرتها على أحداث خرق إيجابي في التدهور الاقتصادي بمراحله المختلفة.

وبموازاة المسار التصاعدي للدولار الذي عايشه المواطن اللبناني لأكثر من سنتين، عبّرت اسعار السلع الغذائية كما أسعار المحروقات من بنزين ومازوت وغاز عن عمق الأزمة الاقتصادية وشكلها التراكمي والتصاعدي لكن غير الصادمأما اليوم وعلى ما يبدو، دخلت البلاد في نمط جديد او في مرحلة متمايزة من مراحل الأزمة الاقتصادية، فالأسعار المختلفة ومن ضمنها سعر صرف الدولار في الأسواق الموازية، ارتفعت بشكل هستيري وغير تراكمي في أقل من أسبوع واحد، وهذه إشارة واضحة إلى أن المرحلة الحالية من الأزمة هي مرحلة “قفز عشوائي” ترتفع فيها الأسعار من دون حسيب أو رقيب ودون أي سقوف تذكر.

وبعد توصيف المرحلة من بابها الاقتصادي، لا بد من توصيف المرحلة من بابها السياسي أو بالأحرى الدستوري ، فالبلاد أمام عهد رئاسي في مراحله الأخيرة وأمام حكومة تصريف أعمال وأمام مجلس نيابي منتخب حديثا أفرز تموضعات جديدة بالإضافة إلى قوى سياسية جديدة.من هنا، لا بد من الإشارة إلى أنه لا يمكن غض النظر عن الدور الذي لا بد أن تلعبه الرئاسة الأولى للتخفيف من حدة وجع المواطن، كما أنه لا يمكن غض النظر عن الدور الواجب أن تلعبه حكومة تصريف الأعمال التي سبق لها وأن تدخلت لفرملة التدهور حين كانت حكومة أصيلة.

وما لا يمكن غض النظر عنه بتاتا، هو الدور المفترض أن يؤديه المجلس النيابي المنتخب منذ أيام قليلة، فهذا المجلس ووفقا للدستور يتمتع بالشرعية الكاملة على صعيد تمثيل الشعب، كما أن الوصول اليه بعد ثورة شعبية كبيرة عمت البلاد يمنحه نسبة إضافية من شرعية التمثيل
لذلك، لا بد من التساؤل عن دور هذا المجلس وعن دور نوابه خلال هذه المرحلة المستجدة من الأزمة اللبنانية.

في هذا الاطار، يرى بعض المحللين ان المجلس ونوابه بحاجة إلى مزيد من الوقت حتى يتمكنوا من بلورة تموضعاتهم وخطواتهم، لكن واقع الحال والانهيار الشديد الحاصل يضع المرحلة في خانة “المعجل والمكرر” اي أنه يضع النواب ومجلسهم أمام ضرورة العمل والتحرك سريعا وعدم عيش ما يعرف “بترف الوقت” اذ انه وحتى اليوم، اي بعد أكثر من ١٠ أيام على إعادة إنتاج السلطة التشريعية، نجد هذه السلطة على تنوعها متمسكة في ثباتها وبعيدة كل البعد عن أي نشاط أو حراك هادف فعليا إلى وضع الأمور في نصابها السليم والبحث الجدي عن إمكانية الوقوف إلى جانب الناس في ظل هذه الأزمة المخيفة والمرعبة.

لذلك، قد يكون الوقت حان لوقف لعبة التلهي باعداد الكتل والتكتلات والذهاب سريعا نحو ممارسة العمل التشريعي والرقابي رأفة بالبلاد والعباد، والا قد تكون مختلف المكونات الحالية للمجلس النيابي مشاركة عن قصد او غير قصد في دفع الشعب اللبناني مجتمعا إلى الموت غارقا بأزماته الكثيرة والمتعددة.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock