اقلام وافكار حرة

من دون سكانر ولا حتى سلم.. هكذا تضبط المخدرات في مرفأ بيروت وهذا مصير التحقيقات

كتبت نوال نصر في “نداء الوطن” الأزمات كثيرة لكن، لا يجوز اللعب في ملف المخدرات، لأن من يدفع ثمنه هو أنتم ونحن وجميعنا. كما أن صيت لبنان أصبح على المحك. في كل حال، تمكنت شعبة مكافحة المخدرات في الجمارك في عام واحد تقريباً من ضبط نحو 50 طناً من حشيشة الكيف و100 مليون حبة كبتاغون. يعني، إذا قارنا تلك الكميات مع “الضبطيات” في الأعوام الخمسة الأخيرة لتأكدنا أنها حققت في عام واحد ما لم يتحقق في نصف عقد. فهل السبب هو تعيين رئيس جديد لشعبة مكافحة المخدرات في الجمارك بالإنابة الملازم أول أنطوان قزيلي؟ الثابت لكثير من المعنيين بمكافحة تهريب المخدرات أن لا قرار سياسياً بذلك. وكل “الضبطيات” التي تتم إنما تحصل بمجهود شخصي.

المهربون اذكياء. هناك من حاول تهريب شحنة في جذوع أشجار الزيتون. أتتخيلون؟ ومع غياب السكانر تبقى “الضبطيات” نتيجة تحليل جملة من المعلومات، بينها: من أين تأتي الحمولة؟ الى أين تنتقل؟ من هو مالكها؟ ماذا عن الباخرة التي تقل الحمولة؟ وهنا، عند الشك، يعمل عناصر شعبة المعلومات أو مكافحة المخدرات على إجراء فحص أدق. صحيح أن التهريب على قدم وساق ونحو 80 في المئة من المواد المهربة “تقطع” بحسب المعايير العالمية، لكن هذا لا ينفي أن هناك محاولات لضبطها. في هذا الإطار يعلق أحد المعنيين أنه “إذا كان هناك نهر يعبر تحت جسر فلا يمكن القول: لماذا طرطش رذاذ المياه الجسر؟

لبنان عائم اليوم على كميات هائلة من حشيشة الكيف والكبتاغون. وضبط الشحنات قد لا يكون مئة في المئة في مرفأ بيروت مثله مثل النهر الذي يبلغ رذاذه المحيط. مشكلتنا مع المخدرات في لبنان أن الدولة “مفقودة”. فأين هي من المعامل التي تنتج يومياً مليون حبة كبتاغون؟ هل تجرؤ “دولتنا” على إقفال تلك المعامل المعروفة جيدا منها؟ ماذا عن الزراعات الكثيرة لحشيشة الكيف؟ لماذا لا تعمل الدولة على إتلافها؟ كل تلك العوامل من شأنها الحدّ من الكميات المهربة، اللهم أن لا تكون الدولة تريد ذلك بالفعل وتجرؤ عليه أيضا!

منذ مدة، نسمع عن ضبط شحنات بشكل دوري. فكيف يُصار الى ذلك مع غياب السكانر؟ هو سؤالٌ يخطر في بال الكثيرين. هناك، لمن يهمه الأمر، عدد كبير من المخبرين في كل مكان، يساعدون في التبليغ عن الشحنات ما يسمح بضبطها وتوقيفها. هذا اولاً. ثانيا، هناك اجتهاد شخصي وتحليل للمعلومات المتوافرة حول شحنة ليمون ما، فيتم إجراء تقاطع بين كل المعلومات وعند الشك يُصار الى إنزال حمولتها وتفتيشها بدقة بالعين المجردة. في هذا الإطار، يحكى عن مشاكل تواجه من يضبطون الحدود مع الفاكهة المبردة حيث أن فتح الكونتينر، خصوصاً في الحرّ، يؤدي الى تلف البضاعة. وهذا يشكّل أذى. وبالتالي، هناك خطر في تمريرها بلا تفتيش وهناك خطر بإفسادها عند تفتيشها. والحلّ، من جديد، لن يكون إلا من خلال سكانر.

لا عتاد ولا اجهزة لوجستية ولا حتى سلّم لدى المعنيين في مكافحة تهريب المخدرات من أجل الصعود الى الكونتينر على سبيل المثال. هؤلاء يعملون باللحم الحي.

لم نسمع يوماً عن توقيف مخدرات مهربة عبر الحدود البرية. ولم نسمع عن ضبط تهريب على مرفأ صور او طرابلس. فلماذا يصرّ المهربون على العبور من مرفأ بيروت طالما التهاون أكبر في سواه؟ سؤال آخر بحثنا عن جواب له. مرفأ بيروت هو الوحيد الذي يضم بواخر تذهب وتجيء على مدار الساعة، في حين يحتاج المهربون الى وقت طويل لينتقلوا من مرفأ طرابلس مثلا. لهذا يجربون حظهم عبر مرفأ بيروت لأن لا خيارات أخرى ميسرة أمامهم.

نسمع عن ضبط شحنات مخدرات لكن نادراً ما نسمع عن توقيفات. والسبب؟ ان التحقيقات سرية ولا يمكن الإعلان عنها إلا من خلال النيابة العامة. اما من يمثل الشحنة عند توقيفها فيكون عادة «الناقل» وهو إما يكون عارفاً بها ومتواطئا او لا يعرف عنها شيئاً وعادة يتم إيقافه الى حين إثبات براءته. أما البضاعة «المقبوض» عليها بالجرم المشهود فيفترض أخذها الى مخفر حبيش، لكن، بما ان الكميات التي يتم ايقافها على التوالي كبيرة، لا بل ضخمة، ولا مكان يتسع لها في حبيش، لذلك توضع في كونتينر ويقفل عليها ويوضع حرس.

هذا الخبر يجعل المستمع «ينقز». فنيترات الأمونيوم ظنناها في أمان وحصل ما حصل. فماذا يمنع ألّا يتسلل أحدهم ليلاً الى المرفأ ويسرق من المضبوطات؟

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock