اقلام وافكار حرة

وراء الصمت خوف من «الفضيحة»: انتبهوا من «عمّو»

تشمل الإساءة الجنسية للأطفال جميع أشكال سوء المعاملة الجسدية والعاطفية التي تؤدي إلى إحداث ضرر فعلي لصحة الطفل وحياته ونموه وكرامته. للفحص الجنائي الشامل والدقيق أهمية كبيرة في التحقيق الكامل في مثل هذه القضايا، وبناء مقاضاة فعَالة في المحكمة. واجب الخبير تفسير الآثار الموجودة على جسد الضحية وجمع العينات وتحليلها، لاسيما من خلال التقيد الوثيق بالبروتوكولات والإجراءات التي تحافظ على جميع الأدلة التي من شأنها أن تعزز قيمة التقييم الجنائي للعنف الجنسي

 

«كنت لابسة بلوزتي الصفرا يلي عليها فراشة، بس ناسية أي بنطلون كنت لابسة. كل يلي بتذكرو اني كنت كتير مشوشة وكان بس بدي اضهر من غرفة جدو وارجع كفي الرسوم المتحركة يلي كنت عم احضرها». هذا ما قالته سمر، ابنة السبعة أعوام لشقيقتها.
الأطفال رمز البراءة الذين كنا نعتقد أنهم بمأمن من المنحرفين، وبأنهم، بالنسبة إلى الجميع، جسد صغير طاهر لا يمكنه أن يشكّل أبداً ثمناً للمتعة أو الاشتهاء الجنسي، إلى أن بدأنا نشهد سلسلة من جرائم الاغتصاب والتحرش، تحوّل الأطفال فيها الى ضحايا. «هتك عرض«، كما يرد في التقارير الجنائية، وأصبح فاعلوها جناة في أرشيف محاضر الاغتصاب.
تشمل الإساءة الجنسية للأطفال جميع أشكال سوء المعاملة الجسدية والعاطفية، التي تتراوح بين مشاهدة وملامسة أجزاء من جسم الطفل، والاتصال الفموي، وعرض مواد إباحية أو استخدام طفل في إنتاج مواد إباحية، وصولاً إلى الاغتصاب الجنسي الكامل، ما يؤدي إلى ضرر فعلي لصحة الطفل وحياته ونموه وكرامته.

يعد «سِفاح القربى»، أي الإساءة الجنسية للأطفال من أفراد الأسرة، والأشخاص المعروفين للطفل، أكثر أنواع الاعتداء الجنسي شيوعاً. تشمل الدائرة أي شخص لديه سلطة على الطفل، أي أفراد الأسرة المباشرون والممتدون: جليسات الأطفال، معلمو المدارس، أو رجال الدين وغيرهم. يكون التقرب من الطفل واستمالته من خلال تقديم الألعاب أو الحلوى أولى خطوات التحرش.
من ناحية أخرى، يكون الخوف من «الوصمة» أو «الفضيحة» شعوراً تشترك فيه عائلات الأطفال المعتدى عليهم، فيتراجع كثير منهم عن تبليغ الجهات الرسمية. في محاولات لـ «حفظ وحدة العائلة» يخضع الطفل للتهديد حتى ينكر الحادثة، وهنا يكمن سر استمرارية الإساءة وعدم القدرة على حماية الطفل من تكرار الحادثة. ولذلك، يصعب توثيق الاعتداء الجنسي بين أفراد الأسرة ومعالجته، إذ يجب حماية الطفل من الإيذاء الإضافي والإكراه على عدم الكشف عن الإساءة أو إنكارها، كي تتوقّف محاولات الإنكار التي يتذرّع بها أفراد الأسرة.

الفحص الجنائي الشامل
للفحص الجنائي الشامل والدقيق أهمية كبيرة في التحقيق الكامل في مثل هذه القضايا، وبناء مقاضاة فعَالة في المحكمة. أضف إلى ذلك، أن حماية الطفل المعتدى عليه جنسياً من أي صدمة عاطفية إضافية أثناء الفحص البدني لها أهمية كبيرة.
يصعب اكتشاف جرائم التحرش لأن معظم حالات التحرش بالأطفال تقع من اشخاص لهم صلة بالطفل. أضف إلى ذلك أن نسبة ظهور علامات جسدية في ضحايا التحرش لا تتجاوز 20% من الحالات، بالمقارنة مع جرائم الاغتصاب. ففي جرائم الاغتصاب يمكن تواجد كميات وفيرة/كافية من الحمض النووي الموجود في السائل المنوي للمعتدي، والعلامات الفيزيائية على جسد الضحية تكون على سبيل المثال لا الحصر تمزق غشاء البكارة، تشققاً في منطقة الشرج، آثار العراك، إلخ. خلافًا لذلك، في حالات التحرش تكون كمية الأدلة قليلة جداً في حال وجودها أساساً، لأنّ التحرش يكون عبر ملامسة الأعضاء التناسلية للضحية. هنا تكمن الصعوبة لدى الخبير الجنائي الذي يبدأ بالبحث عن أي آثار أو أذيات في جسد الطفل. لذلك، ينصب اهتمام الخبير الجنائي على البحث عن وجود أدلة أثر (Trace Evidence) كشعر العانة، والأدلة سريعة الزوال (Transient Evidence) كعلامات العض، بغية توثيقها وتحليلها.
تشمل المعاينة الجنائية فحص الجسم لكشف آثار الضرب والعض والخدش، مع إيلاء اهتمام خاص للفم والثدي والأعضاء التناسلية والشرج. الشاغل التالي للخبير هو جمع الأدلة البيولوجية، بشرط أن يكون الانتهاك الجنسي قد حدث خلال الـ 72 ساعة الماضي، وكذلك يعاين الخبير الملابس وأي مادة ملتصقة بالجلد مثل الألياف أو النباتات.

عادة ما تكون أولى خطوات التحرش التقرب من الطفل واستمالته من خلال تقديم الألعاب أو الحلوى

أثناء المعاينة، يقيس الخبير العضات وتصويرها بعناية للسماح بمطابقة أسنان المعتدي المزعوم أو استبعادها، وأخذ عينات لعابية منها إذا كانت حديثة الوقوع. كما توفر التقنيات الجنائية أدلة داعمة كما يحدث في حال وجود شعر العانة بين أرداف طفل ما قبل البلوغ. وبالمقابل، يجري الخبير تحليلاً للدم والبول في حالة تعرض الطفل للإيذاء أثناء تأثير المخدرات، وكذلك اختبار الحمل عند الفتيات في سن الإنجاب.
غالباً ما يتم تشخيص الإساءة الجنسية للأطفال بناءً على أدلة مختلفة، لا سيما الدليل الجنائي. ونادراً ما يكون الفحص البدني وحده تشخيصياً من دون وجود ظروف نفسية، واجتماعية، وظروف مرتبطة بتاريخ العائلة.
واجب الخبير تفسير الآثار الموجودة على جسد الضحية وجمع العينات وتحليلها، لاسيما من خلال التقيد الوثيق بالبروتوكولات والإجراءات التي تحافظ على جميع الأدلة التي من شأنها أن تعزز قيمة التقييم الجنائي للعنف الجنسي. فالانتباه إلى جميع التفاصيل وتوثيقها يضمن تحقيق مقاضاة أكثر فعالية للمعتدي.


سفاح القربى ناقوس خطر
يجب توخي الحذر من شخص بالغ يقضي بعض الوقت مع الأطفال ويعرض السلوكيات التالية:
• لا يحترم الحدود أو يستمع عندما يخبره أحدهم بـ (لا).
• المشاركة في لمس الأطفال .
• يحاول أن يكون صديق الطفل بدلاً من ملء دور الكبار في حياة الطفل .
• التحدث مع الأطفال حول مشاغلهم أو علاقاتهم .
• يعطي هدايا للطفل من دون مناسبة أو سبب.
• يعبّر عن اهتمام غير طبيعي بالتطور الجنسي للطفل

 


جنان الخطيب – الاخبار

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock