صيدا والجنوب

مشاهد من ظواهر الضائقة في صيدا: درّاجات و’توك توك’ ومشي إلى المدارس.

فرضت الأزمة الاقتصادية الخانقة نمطاً جديداً في حياة اللبنانيين يشير الى تردّي الأوضاع المعيشية التي أجبرت كثيرين على التخلي عن وسائل الراحة أو الرفاهية والسعي وراء توفير لقمة العيش بأي طريقة.

وصيدا واحدة من المدن اللبنانية التي تأثّرت بالأزمة، فبعد 3 سنوات من اندلاع انتفاضة تشرين، تغيّر المشهد في كثير من الشوارع والأحياء، وعادت الدرّاجات النارية الى جانب الكهربائية لتغزو طرقاتها، واللافت أنها لم تعد فقط للعمل (الديليفري) وإنما وسيلة رئيسيّة للتنقّل من مكان الى آخر في سبيل التوفير المالي بعدما ارتفعت أجرة التاكسي بشكل جنوني.

عند ساحة «إيليا» التي تحوّلت منبراً للمنتفضين والناشطين إبّان اندلاع الانتفاضة في 17 تشرين الأول 2019، تختصر صورة لعدد من الدرّاجات النارية الواقع المرير، حيث يقودها شبّان وخلفهم زوجاتهم أو أخواتهم، أو أخرى لآباء ينقلون أبناءهم الطلاب الى المدارس تفادياً للشرب من الكأس المرّة في دفع رسوم الحافلات المدرسية أو الخاصة.

ويقول محمد الحلاق لـ»نداء الوطن» إن الأزمة الاقتصادية حوّلته عاطلاً عن العمل بين ليلة وضحاها بلا راتب، ويضيف «كنت أعمل في محل للنجارة في المدينة الصناعية وأقفل أبوابه بسبب الركود الاقتصادي، اليوم أعمل مياوماً في أحد المقاهي الشعبية في حال غياب «القهوجي» وأجبرت على بيع سيارتي وشراء درّاجة تفادياً لثمن البنزين وأصبحت أنقل أبنائي الطلاب الى المدرسة صباحاً، وزوجتي كلّما أرادت الذهاب الى منزل والديها أو زيارة أقاربها». في المشهد اللافت الآخر، فإنّ كثيراً من الطلاب باتوا يقصدون مدارسهم صباحاً سيراً على الأقدام وحدهم أو بصحبة آبائهم أو أمّهاتهم على أمل توفير أجرة التاكسي أو رسوم الحافلة المدرسية، وتقول جميلة دقور لـ»نداء الوطن» وهي برفقة ولدها في أثناء العودة من المدرسة: «ما باليد حيلة ونحاول التأقلم مع الواقع المرير، ونرتّب جدول حياتنا على الأولويات، نقلت ولدي الى مدرسة رسمية هذا العام بخلاف السابق، ولم يعد باستطاعتي دفع أجرة التاكسي، فأوصله الى المدرسة يومياً ذهاباً وإياباً والمشكلة الكبرى في فصل الشتاء والأمطار والبرد، سننتظر لنعرف ماذا سنفعل».

وبين المشي والدراجات، لم يعد مشهد الـ»توك توك» غريباً عن يوميات المدينة وأبنائها، بات متعدّد الاستخدامات من نقل الركاب بأجرة أقلّ، الى البضائع على اختلافها والـ»ديليفري» والنقل العائلي. ويقول ابو محمود الرواس لـ»نداء الوطن»: «لقد اشتريته بشقّ الأنفس كمصدر للرزق بعيداً من الحاجة وذلّ السؤال، أعمل عليه طوال ساعات وأنقل الركاب والـ»ديليفري» وكلّ ما يتطلّب من البضائع، وفي المساء أستخدمه لنقل العائلة إذا أردنا الذهاب في زيارة عائلية، العمل أفضل من البطالة والرزق على الله».

وفي مشهد لافت آخر جرّاء الأزمة المعيشية، فإنّ مواطنين كثراً تخلّوا عن الحيوانات الأليفة التي كانوا يربّونها في منازلهم بسبب كلفة تأمين الطعام لها والعناية الصحية، فباتت في الشوارع تسرح وتمرح الى جانب الشاردة منها وشكّلت تهديداً للسلامة العامة.

وفي دلالة على كثرتها، فقد هاجم أحد الكلاب الشاردة طالباً في منطقة شرحبيل بن حسنة – بقسطا، في أثناء توجّهه الى مدرسة «الحسام» التابعة لـ»جمعية المقاصد الخيرية الإسلامية»، حيث تمكّن من الهرب والإفلات منه عائداً الى منزل ذويه خائفاً.

وفيما لاقت الحادثة استياء كبيراً لأنها ليست المرّة الأولى ولن تكون الأخيرة، تحرّك ذووه باتجاه المسؤولين المعنيين لوضع حدّ لظاهرة انتشار الكلاب الشاردة، حيث باتت تشكّل خطراً على سلامة الأطفال والطلاب وتهديداً لسكان المنطقة، مع ازدياد أعدادها في الآونة الأخيرة.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock