أخبار لبنانية

محمد حشيشو: الجـريح الذي صار أميناً عاماً.

من جلس في الصف الأول ليس من قاتل، إلا محمد حشيشو. ليس معتاداً بين الأحزاب ومنها الماركسية، بأن ينتخب «العنصر الزحاف» أميناً عاماً لحزبه. لكن هذا ما فعله الحزب الديموقراطي الشعبي قبل نحو عام. وفي العيد الأربعين لانطلاقة «جمول»، فوّض الرفاق حشيشو لاستعراض مساهمة الحزب في عمليات «جبهة المقاومة الوطنية اللبنانية». ليس مؤتمناً على الدماء لأنه رأس الهرم، بل لأنه شريك في التحرير حتى النصر.
بداية العام 1975، لبس حشيشو البدلة العسكرية. تعبئته جهزت منذ الصغر. ابن صيدا نشأ على تعاليم قريبه معروف سعد ومن خلاله جمال عبد الناصر وتأثر بشقيقه الأكبر إبراهيم البعثي وأغاني الشيخ إمام. لكن ما حفر عميقاً في توجهاته مشهد العمال والعاملات الفلسطينيين، شباناً وعجائز وأطفالاً، يجتازون ضفة نهر سينيق حيث منزل عائلته بعد تسلّلهم من بين أسوار عين الحلوة للخروج للعمل في البساتين للعمل. لأن الجيش اللبناني كان يفرض إجراءات مشدّدة للدخول والخروج إلى المخيم. أول مهمة قام بها، عقب استشهاد سعد ومنها قادته الحرب الأهلية إلى الشياح وعاليه والزعرور وترشيش والشحار الغربي وكفرشوبا والعرقوب والطيبة… لمقارعة العدو الإسرائيلي وعملائه وأصحاب المشروع الفاشي. وفي معركة تحرير شرق صيدا أصيب حشيشو بأعمق جراحاته عندما استهدف بقذيفة دبابة.
يملك الرفيق محمد ذاكرة مثقلة عن الجبهة وما قبلها وما بعدها. فقد كان أمين عام «الديموقراطي الشعبي» السابق نزيه حمزة، ضمن جلسات التحضير لتأسيس الجبهة مع أمين عام حزب العمل العربي الاشتراكي حسين حمدان و رئيس الحزب السوري القومي الاجتماعي إنعام رعد مع أمين عام منظمة العمل الشيوعي محسن إبراهيم وأمين عام الحزب الشيوعي اللبناني جورج حاوي. إلا أن «دخول قوات الاحتلال الإسرائيلي إلى بيروت وتقليص الاتصالات بسبب المحاذير الأمنية، دفعت بحاوي وإبراهيم إلى إطلاق نداء الجبهة من دون حضور الآخرين» بحسب حشيشو. «الشعبيون» لم يقفوا عند التسميات. انخرطوا في عمليات الجبهة من بيروت إلى الجنوب وشرق صيدا. وما بين 1989 وآخر العمليات عام 1993، أصبحت معظم العمليات مشتركة ما بين «الديموقراطي» والحزب الشيوعي.
ساهم «الديموقراطي الشعبي» بتحرير صيدا وشرقها. لكن لماذا تعطلت الجبهة قبل تحرير الجنوب بسبع سنوات؟ لا يتوانى حشيشو عن تحميل صانعي الجبهة المسؤولية كاملة، منهم الديموقراطي الشعبي. «طوال ثمانية أشهر، خضنا نقاشاً مع الحزب الشيوعي حول قرار تعليق العمل العسكري. رفضنا التعليق واقترحنا الاستمرار ولو بشكل محدود على سبيل الأعمال التذكيرية. كنا على يقين بأن تحرير الجنوب آت. عندها من لا يكون حاضراً في تلك اللحظة، لن ينسب له التحرير». نبوءة «الديموقراطي الشعبي» صدقت لاحقاً، فيما هم لم يتمكنوا من الاستمرار بالعمل العسكري من دون «الشيوعي» بسبب ضعف الإمكانات والانتشار الجغرافي جنوباً.
لا تغفل صيدا إضاءة شعلة المقاومة عند كل 16 أيلول في ساحة الشهداء. مع ذلك، لا يجد حشيشو في أنشطة الإحياء الرمزية، إجراء كافياً لحفظ جمول. «منذ عام 1982، نشأ جيل ونصف لم يعايش تلك الفترة. علينا جميعاً مسؤولية جمع التاريخ من دون زيادة أو نقصان».
المصدر| أمال خليل – الأخبار

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock