منوعات

انقسامات حادة في البيت الأبيض: “خيبة أمل” من بايدن بسبب غزّة

كشفت صحيفة “نيويورك تايمز”، أن الرئيس الأميركي، جو بايدن، يواجه انقسامات حادة داخل إدارته وبين ناخبيه من العرب والمسلمين، بسبب الانحياز الواضح للاحتلال الإسرائيلي في العدوان على غزة.

وذكرت الصحيفة أن بايدن، بعد أسابيع من العدوان على غزة، دعا مجموعة صغيرة من الأميركيين المسلمين البارزين إلى البيت الأبيض، وكان المشاركون صريحين معه حول الموقف من الحرب، وفقاً لعدد من المشاركين الذين أبلغوه أن احتضانه للاحتلال الإسرائيلي اعتبره الكثيرون بمثابة إذن للقصف على غزة، وأن بيانه الذي شكك في عدد الشهداء الفلسطينيين كان “مهيناً”، فضلاً عن أن حادثة طعن الصبي المسلم، على يد متطرف بسبب العدوان على غزة، كان مجرد نتيجة مدمرة لتجريد المجتمع المسلم من إنسانيته.

وأشار المشاركون في تلك الجلسة الخاصة، أنها كانت مقررة لمدة 30 دقيقة، إلا أنها امتدت إلى أكثر من ساعة. ولوح الرئيس بايدن لمساعديه الذين حاولوا إخراجه من الغرفة وهو يستمع إلى الانتقادات ويشارك تجربته الخاصة مع الخسارة والحزن.

وأبلغ الرئيس التنفيذي لمجموعة حشد الناخبين المسلمين “إيميج”، وائل الزيات، أن بايدن أدرك أن هناك أخطاء في الخطاب، وأظهر تعاطفا، ووعد بالقيام بما هو أفضل، خاصة بإضفاء الطابع الإنساني على الفلسطينيين، وفق قوله.

واعتبر المدعي العام في ولاية مينيسوتا، كيث إليسون، الذي حضر الاجتماع أيضًا، أن الحرب زادت المخاطر على الأميركيين أيضاً. وأضاف: “أخبر زعماء الجالية المسلمة بايدن أن معاناة سكان غزة الأبرياء، الذين يحاولون البقاء على قيد الحياة في ظروف صعبة للغاية، زادت في الواقع من احتمال وقوع هجمات معادية للإسلام في الولايات المتحدة”.

وذكرت الصحيفة أن الاجتماع انتهى التجمع باحتضان الرئيس بايدن امرأة فقدت شقيقها في جريمة كراهية ضد المسلمين قبل عدة سنوات. لكن المجموعة غادرت دون شيء واحد أتت من أجله: “وعد من بايدن بالدعوة إلى وقف دائم لإطلاق النار”.

وأوضحت الصحيفة أن الاجتماع كان بمثابة لمحة عن مهمة أكبر بكثير يواجهها بايدن وهو يحاول التغلب على الغضب العميق بين مؤيديه منذ فترة طويلة وحتى داخل البيت الأبيض، حيث قال بعض الموظفين الأصغر سناً، خاصة أولئك الذين لديهم خلفيات عربية أو إسلامية، إنهم يشعرون بخيبة الأمل من الرئيس الذي يخدمونه.

وقال مسؤولو إدارة بايدن إن “دعم الرئيس لحق إسرائيل في الدفاع عن نفسها بعد هجوم حماس، ليس سوى جزء من القصة، وعلى نحو متزايد، قام بإقران كلمات الدعم التي يستخدمها، مع دعوات أكثر قوة للحذر وحماية المدنيين الفلسطينيين، مع وصول عدد القتلى إلى مستويات كارثية”، بحسب الصحيفة.

المسؤولون، الذين تحدثوا بشرط عدم الكشف عن هويتهم لوصف المناقشات التي جرت في البيت الأبيض، يقولون أيضا إن تضامن بايدن مع “إسرائيل” سمح له بممارسة نفوذ على رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو بشأن المساعدات الإنسانية وفتح معبر رفح مع مصر، لكن بالنسبة للكثيرين في المجتمع العربي، فإن كلمات بايدن وأفعاله بعد عملية “طوفان الأقصى”، جعلتهم والمدنيين الفلسطينيين في غزة الذين يموتون بالآلاف، يشعرون كأنهم “فكرة لاحقة في الحرب”.

وقال جيمس زغبي، رئيس “المعهد العربي الأميركي”، الذي يقوم باستطلاع آراء الجالية منذ 27 عاماً: “هناك شعور بأن صدمة شعب ما أهم من صدمة شخص آخر، يبدو الأمر كما لو أن هناك أمرين لا يطاقان، وقد قررا أيهما سيقبلان”. وقد ظهر هذا الضيق بوضوح في الاجتماع مع بايدن. وقال المشاركون إنهم شعروا بالذعر لأنه قبل يوم واحد فقط، خلال مؤتمر صحفي مع رئيس الوزراء الأسترالي، قال بايدن للصحفيين إنه “ليس لديه أي فكرة عن أن الفلسطينيين يقولون الحقيقة” بشأن عدد الشهداء. وقال بايدن إن الأبرياء الذين ماتوا كانوا “ثمن شن الحرب”.

وأثارت هذه التعليقات المخاوف بين أولئك الذين شعروا أن دعم بايدن لـ”إسرائيل” كان غير مشروط، حتى في الوقت الذي أدى فيه هجوم الاحتلال على غزة إلى استشهاد الآلاف من الأشخاص، حتى وفقاً لتقديرات الولايات المتحدة نفسها.

وأثارت تعليقاته أيضاً غضباً داخل البيت الأبيض، بما في ذلك من قبل البعض الذين شعروا أن رسائل الدعم للموظفين اليهود يمكن أن ينظر إليها على أنها غير حساسة تجاه العرب والمسلمين العاملين في البيت الأبيض.

وعقد كبار مساعدي بايدن، بقيادة رئيس موظفي البيت الأبيض جيفري زينتس، اجتماعات متعددة مع المسؤولين الغاضبين للاستماع إلى شكاويهم، وقد ترأس أحد هذه الاجتماعات مؤخراً زينتس، وأنيتا دان كبيرة مستشاري الرئيس، وجون فاينر نائب مستشار الأمن القومي، وستيفن بنجامين مدير المشاركة العامة، وسمح الاجتماع للموظفين “غير السعداء” ببث أفكارهم.

وبحسب بعض الروايات، فإن الاجتماعات التي نشرت بعض تفاصيلها في وقت سابق في صحيفة “واشنطن بوست”، ساعدت في تشكيل اللغة التي يستخدمها البيت الأبيض لمناقشة الوضع، ومقال رأي صاغه البيت الأبيض ونشر تحت اسم الرئيس في صحيفة “ذا بوست”، بعد أيام قليلة من الاجتماع مع زينتس والآخرين، حيث “حرص على التعبير عن التعاطف ليس فقط مع الضحايا الإسرائيليين لهجمات حماس، ولكن أيضاً للمدنيين الفلسطينيين المتضررين من الهجوم العسكري الإسرائيلي”.

وقال بايدن في المقال: “أنا أيضاً أشعر بالحزن الشديد إزاء الصور التي خرجت من غزة ومقتل عدة آلاف من المدنيين، بما في ذلك الأطفال”. وأضاف: “إن كل حياة فلسطينية بريئة تفقد هي مأساة تمزق العائلات والمجتمعات”.

وأشارت الصحيفة إلى أن بايدن كان منذ فترة طويلة “بطلا لإسرائيل والقومية اليهودية، وكان يردد في كثير من الأحيان أنه ليس من الضروري أن تكون يهودياً لتكون صهيونياً، وقد أدى دعمه الذي لا يتزعزع في بعض الأحيان إلى وضعه على خلاف مع بعض أعضاء حزبه، خاصة بين التحالف ذي الميول اليسارية الذي يرى القضية الفلسطينية كامتداد لحركات العدالة العنصرية والاجتماعية”.

وبينما يتطلع بايدن نحو الانتخابات الرئاسية لعام 2024، قد يكون لموقفه من الحرب أهمية كبيرة في منافسة قد تتوقف على ولايات متأرجحة مثل جورجيا وميشيغان، اللتين صوت الناخبون الأميركيون المسلمون والعرب لصالحه قبل ثلاث سنوات.

كانت غادة النجار، وهي من بين الأميركيين الفلسطينيين الذين بدأوا في حشد وجمع الأموال لصالح بايدن في جورجيا عام 2020 مع مجموعة “الأميركيين العرب من أجل بايدن”، وقالت إن تعهد الحملة الانتخابية للمجموعة بأن جو بايدن “يؤمن بقيمة كل فلسطيني وكل إسرائيلي” يطاردها الآن. أضافت: “شعرت أننا قادرون على الاجتماع معاً كمجتمع لانتخاب هذا الرئيس الذي اعترف بنا، والذي كان سعيداً بالشراكة معنا، وقد تعتقد أن ذلك يأتي مع النفوذ والتأثير، وأن يتم تهميشك تماماً بشأن الموضوع الأكثر أهمية الذي انتخبت الرئيس عليه، هو أمر مذهل”.

وقالت السيدة النجار إنه بعد بدء الحرب، غيرت المجموعة اسمها إلى “العرب الأميركيون إلى الأمام”، ما أدى إلى إزالة اسم بايدن. وبما أنها علمت باستشهاد أكثر من 60 من أفراد عائلتها الكبيرة في الحرب، فإنها لا ترى طريقا للعودة إلى بايدن، الذي توسط في هدنة في اليوم الذي نفد فيه طعام عائلتها في غزة.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock