منوعات

هل يصلح العطار ما أفسد الدهر؟

حبيب البستاني-
في الوقت الذي أوقفت معظم الدول المهتمة بالملف اللبناني محركاتها، وحدها المبادرة الفرنسية أتت وكأنها الوحيدة الممسكة بملف الاستحقاق الرئاسي، هكذا يصور الفرنسيون مهمة وزير الخارجية الأسبق جان إيف لودريان الممثل الشخصي للرئيس إيمانويل ماكرون.

صحيح أن الوزير لودريان جاء مستمعاً في إطار جولة على مختلف المرجعيات السياسية والدينية المعنية بالاستحقاق الرئاسي، إلا أن هذا العنوان كان ملازماً لكل التحركات الدبلوماسية التي قامت بها أكثر من جهة ودولة. والمعروف عن لودريان أنه لا يمضغ كلماته جيداً كما يقال بالفرنسية أي أنه يذهب إلى الموضوع مباشرة بدون لف ولا دوران، والجميع يعلم مقولته الشهيرة بعيد انفجار مرفأ بيروت واجتماع قصر الصنوبر أنه “على اللبنانيين مساعدة أنفسهم لكي نتمكن من مساعدتهم”، لا بل أنه ذهب أبعد من ذلك حين حمل الساسة اللبنانيين مسؤولية عدم إنقاذ بلدهم والتقاعص عن إنقاذ الوطن الذي هو بحاجة إليهم مستعملاً العبارة الفرنسية “non assistance à personne en danger”.
أكثرمن عقدة داخلية
من الواضح أن هنالك أكثر من عقدة وعقبة تعترض عملية إنجاح الاستحقاق الرئاسي، وان الاختلاف كي لا نقول الخلاف بلغ حده الأقصى وتجاوز كل الخطوط الحمر وذلك مع تمترس كل فريق حول طروحاته، وهو في ما يعلن الاستعداد للحوار لكنه لا يحيد قيد أنملة عن مرشحه، وكأن الحوار والوفاق الهدف منه ليس الاتفاق على مرشح يرضى عنه الجميع بل يقوم على دعم المرشح الذي اختاره هذا الفريق أو ذاك. من هنا فإن الحوار أو الوفاق الذي ينادي به البعض لا يرقى إلى درجة التوافق على مرشح. وقد يكون من صلب مهمة لودريان هو جلب الأفرقاء إلى منطقة وسطية تقوم على الإقرار بالتوافق سبيلاً وحيداً لإنجاح الانتخابات الرئاسية.
سلة لودريان وإسم الرئيس
لقد ارتكب الفرنسيون في وقت سابق خطاً جسيماً حين قاموا بالاتفاق على سلة متكاملة ولكن من خلال إسم مرشح وحيد للرئاسة هو سليمان فرنجية وذلك بالاتفاق مع الثنائي الشيعي، ولكنهم فشلوا في تسويقه، فلا الحزب نجح مع حليفه التيار الوطني الحر لا بالضغط ولا بالمونة، وكذلك فشل من هم مولجون بإقناع أطراف المعارضة الأخرى في مهمتهم. وهكذا واستناداً إلى مقولة “أن المؤمن لا يلدغ من جحر مرتين” فإن لودريان لن يرتكب الخطأ نفسه فيسمي المرشح قبل الاتفاق على السلة.

سحب المرشَحين ألف باء نجاح لودريان
من المؤكد أن المبعوث الفرنسي سيستمع إلى مختلف وجهات النظر وبالتالي سيتأكد له أن كلا الطرفين الرئيسيين، الثنائي الشيعي والمعارضة زائد التيار الوطني الحر سيضعا كل منهما فيتو على إسم مرشح الفريق الآخر. وبالتالي سيتأكد المؤكد من ضرورة العمل مع كل فريق على سحب مرشحه، وتبدو هذه المهمة سهلة في حالة واحدة، وهي قيام الثنائي بسحب فرنجية عندها تصبح المشكلة أقل تعقيداً لدى الفريق الآخر الذي تقاطعت مصالحه على ترشيح أزعور مما يعني عدم التمسك به كمرشح وحيد. وقد أعلنت معظم القوى أن هنالك أكثر من إسم يمكن التوافق حوله.
والسؤال المطروح هل ينجح العطار في إصلاح ما أفسد الدهر، وبمعنى آخر هل ينجح لودريان في إصلاح ما أفسده الثنائي؟ السؤال برسم الثنائي علماً أن الرجوع عن الخطأ فضيلة.
كاتب سياسي-

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock