صيدا والجنوب

قوى صيدا تدعو إلى وقف اشتباكات “عين الحلوة” فوراً

محمد دهشة
لمصلحة من الاقتتال العبثي… ولأي هدف؟
تركّزت الجهود السياسية والأمنية اللبنانية والفلسطينية على تحصين اتفاق وقف إطلاق النار الهش في مخيم عين الحلوة ومنع انهياره تحت ضغوط الخروقات المستمرة، عبر الإسراع في استكمال بنوده وخاصة ما يتعلق منها بتشكيل لجنة تحقيق بجريمة اغتيال قائد الأمن الوطني الفلسطيني في منطقة صيدا اللواء محمد العرموشي «أبو أشرف» وأربعة من مرافقيه، تمهيداً لكشف الجناة وتقديمهم للعدالة اللبنانية.

تنوعت الجهود بين مواقف سياسية واجتماعات توزعت بين صيدا وبيروت، وكشف الهدوء الحذر في المخيم حجم الأضرار الكبيرة والكارثية في الممتلكات من المنازل والمحال التجارية والسيارات، في وقت تكاتفت فيه جهود وكالة «الأونروا» مع المؤسسات الأهلية والجمعيات المدنية على احتضان آلاف العائلات النازحة وتأمين الإيواء وتخفيف تأثير الصدمة عليهم وتهدئة نفوس الأطفال إلى حين العودة إلى منازلهم وحياتهم الطبيعية.

وعلى وقع الجهود، كبرت التساؤلات حول الهدف من توتير الأوضاع الأمنية في المخيم الذي يعتبر عاصمة الشتات الفلسطيني وما إذا كان هناك مشروع مشبوه لإسقاط رمزية المخيمات وسلاحها ولاستهداف قضية اللاجئين وحق العودة، حيث كشف مسؤول فتحاوي بارز لـ»نداء الوطن» أن هناك «محاولة لاستدراجنا إليه ولكننا لن ننجر، وسنبقى حريصين على الأمن والاستقرار وعدم تكرار نهر بارد جديد»، موضحاً أن «لدى الحركة معلومات ومعطيات عن مرتكبي جريمة الاغتيال وسوف تُقدم إلى لجنة التحقيق المعنية».

وقال عضو قيادة الساحة في حركة «فتح» اللواء منير المقدح: «إن الجهود تنصب على عملية تثبيت وقف إطلاق النار وتشكيل لجنة تحقيق ومعرفة الجناة الذين ارتكبوا جريمة اغتيال العرموشي وتسليمهم إلى الدولة اللبنانية كي لا تستمر عمليات الاغتيال، ومعرفة من يقف وراءهم في هذا التوقيت المشبوه في الواقع الفلسطيني واللبناني الصعب». مضيفاً: «ربما المطلوب تفجير المخيمات ولكننا لن نسمح بذلك وسنبقى حريصين على أمنها واستقرارها ومعاقبة الجناة في ذات الوقت».

موقف صيداوي

وقد عبَّرت قوى صيدا السياسية والروحية عن هذه المخاوف، متسائلة بصوت عال لمصلحة من هذا الاقتتال العبثي، ولأي هدف، وإلى أين، مؤكدة أنه لا يستفيد منه إلا العدو الإسرائيلي، داعية بموقف موحد وحازم لا يخلو من عتب واستياء، المتقاتلين الفلسطينيين إلى وقف الاشتباكات في عين الحلوة فوراً، وكأنه ناقوس خطر من انفجار الوضع.

الموقف الصيداوي الموحد جاء خلال الاجتماع الذي دعا إليه مفتي صيدا وأقضيتها الشيخ سليم سوسان، وشارك فيه النائبان الدكتور عبد الرحمن البزري والدكتور أُسامة سعد، والسيدة بهية الحريري وممثل «الجماعة الإسلامية» الدكتور بسام حمود، إضافة إلى المطران إلياس الكفوري، المطران إيلي الحداد والمفتي الشيخ محمد عسيران، بينما اعتذر المطران مارون العمار لوجوده في الديمان.

وبالموازاة، اتجهت الأنظار إلى اجتماع هيئة العمل المشترك الفلسطيني الذي عقد في السفارة الفلسطينية في بيروت، بمشاركة السفير الفلسطيني أشرف دبّور وممثلي القوى والفصائل الفلسطينية الوطنية والإسلامية، وخلص إلى المطالبة برفع الغطاء عن مرتكبي «عملية الاغتيال الإجرامية التي تعرّض لها العرموشي وإخوانه وكذلك جريمة قتل عبد الرحمن فرهود». ودعت الهيئة إلى تثبيت وقف اطلاق النار وسحب المسلحين من الشوارع فوراً والعمل على توفير المناخ الآمن لعودة كل العائلات التي نزحت من المخيم، وشكّلت لجنة ميدانية لتنفيذ ذلك. كما كلفت لجنة التحقيق المُعينة والمُشكلة من هيئة العمل الفلسطيني المشترك المباشرة الفورية بعملها للكشف عن المتورطين في ارتكاب الجريمة لتقديمهم للجهات القضائية والأمنية اللبنانية وانجاز مهمّتها بأسرع وقت ممكن ورفع تقريرها لهيئة العمل الفلسطيني المشترك.

إشتباكات ونزوح

ميدانياً، إنفجر الوضع الأمني ظهراً في المخيم في جولة قتال هي الأعنف واستخدمت فيها القذائف الصاروخية والاسلحة الرشاشة بعدما بدأت على محور البركسات – الطوارئ، حطين – جبل الحليب، وقد اتهمت حركة «فتح» الناشطين الاسلاميين بخرق وقف اطلاق النار ومحاولة شنّ هجوم على مواقع «فتح»، فيما وصلت القذائف والرصاص الطائش الى عدد من مناطق صيدا، فسقطت قذيفة قرب أحد المصارف غرب المخيم، واخرى بالقرب من تمركز الصحافيين حيث يغطون الاشتباكات، بينما وصل الرصاص الطائش الى صيدا القديمة وحي البراد وقرب السراي الحكومي حيث انفجرت قذيفة في السماء.

وكان الهدوء الحذر قد ساد المخيم خلال ساعات ما قبل الظهر وإن تخلله بين الحين والآخر إطلاق نار أشبه بالقنص، من دون تسجيل اشتباكات مباشرة. وشيّعت «فتح» ثلاثة من شهدائها الذين اغتيلوا مع العرموشي وهم: مهند قاسم، طارق خلف وبلال عبيد. وجال النائب سعد في منطقة تعمير عين الحلوة يرافقه مدير مكتبه طلال أرقدان وعضو الأمانة السياسية في التنظيم ناصيف عيسى «أبو جمال»، متفقّداً الاضرار والأهالي الذين عبّروا عن سخطهم من الأحداث والأوضاع المزرية.

وبدأت تلوح في الأفق بوادر أزمة نزوح مع استمرارها، حيث غصّت قاعة مسجد الموصلي بالنازحين، وفتحت وكالة «الأونروا» مدرستين تابعتين لها، الأولى نابلس في صيدا والثانية عسقلان في مخيم المية ومية وباشرت تأمين الغذاء والاحتياجات لهم بالتعاون مع الجمعيات والمؤسسات الأهلية وفق ما أكد مدير «الأونروا» في المنطقة الدكتور إبراهيم الخطيب لـ»نداء الوطن».

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock