صيدا والجنوب

الاشتباكات العسكريّة توقفت في مخيّم عين الحلوة… لكن أسبابها لم تنته تخوّف دولي – إقليمي من انفجار أمني ظروفه موجودة في النزوح السوري

في اي دولة تقع فيها احداث امنية او عسكرية، تلجأ الحكومات الى تحذير رعاياها المقيمين كما القادمين اليها، لاخذ الحيطة والحذر او مغادرة المكان، فاذا تعذّر انتقال مواطنين، تقوم حكوماتهم باجلائهم، وهذا ما حصل مؤخرا في النيجر حيث قامت فرنسا باجلاء رعاياها بعد الانقلاب العسكري، الذي من تداعياته صراع دولي على المصالح والنفوذ في افريقيا، قد يؤدي الى صدامات دموية وحروب اهلية وتدخلات خارجية وعسكرية وسياسية.

وفي لبنان، حذرت السعودية رعاياها من الاقتراب من المناطق التي تشهد توترات امنية، لا سيما في مخيم عين الحلوة وجواره بعد اشتباكات دامت اسبوعا، وكانت الاعنف على مدى عقود، حيث توقف مراقبون امام البيان السعودي الذي واكبه تحذير كويتي ثم اماراتي، وهذا مؤشر الى ان لبنان قد يكون امام احداث امنية اوسع من مخيم عين الحلوة، الذي اوقفت الاعمال العسكرية فيه، ولكن لم يتوصل المتقاتلون من حركة “فتح” و”جماعات اسلامية متشددة”، الى ازالة اسباب الانفجار العسكري الذي وقع، وتعددت الرواية حول ظروف اندلاع الاشتباكات، والصراع على من يملك النفوذ والقرار العسكري في المخيم، الذي تجهد مجموعات من “جند الشام” و “عصبة الانصار” و “الشباب المسلم”، لكي يقع المخيم تحت قبضتها العسكرية، كما حاول شاكر العبسي المنشق عن حركة “فتح”، حيث انشأ “فتح الاسلام” بعد ارتباطه بتنظيم “داعش” وحاول ان يسيطر على مخيم نهر البارد، بعد ان فشلت تجربته في مخيم برج البراجنة، وخسر نهر البارد وخرج منه بعد 3 اشهر قتال.

من هنا، فان الجمر ما زال تحت الرماد في مخيم عين الحلوة، وفق مرجع امني لبناني رسمي، لان الاشتباكات التي اندلعت، وبدأت فردية وتحت عنوان ثأري بين عائلتين، واصيب فيها “ابو قتادة” الاسلامي المتشدد، وتبع ذلك مقتل ابو اشرف العرموشي مع ثلاثة من مرافقيه، حيث تؤكد حركة “فتح” انها قاتلت في مخيم عين الحلوة “مجموعات ارهابية” من جنسيات مختلفة، بعضها موجود كخلايا نائمة، وبعضها استقدم من سوريا والعراق والاردن، ومن شمال افريقيا وصولا الى افغانستان، حيث ترفض”فتح” تسمية معارك عين الحلوة بانها اقتتال فلسطيني – فلسطيني وهي لن تتوقف، لان هدف “الارهابيين” اخذ المخيم قاعدة انطلاق لعمليات داخله وخارجه، وهذا ما حصل قبل بدء معارك مخيم نهر البارد، التي سبقتها عملية الاستيلاء على اموال المصرف في الكورة، ثم التمركز في شقة بطرابلس في شارع المئتين، وحصول معركة عسكرية مع قوى الامن، لتقوم “فتح الاسلام”، بقتل عسكريين لبنانيين في منطقة بحنين، فاشتعلت الحرب في مخيم نهر البارد ودامت ثلاثة اشهر مع الجيش، سقط فيها شهداء وجرحى ودمار.

من هنا، فان التفجير الامني في لبنان قد يقع في كل وقت، سواء في المخيمات الفلسطينية او في اماكن النزوح السوري او بين قوى حزبية – لبنانية، وبدأت تظهر وفق معلومات امنية في بعض اماكن النزوح السوري، لا سيما المخيمات، عمليات تسليح وظهور خلايا نائمة ارهابية من ضمن اماكن النزوح السوري، الذي يشكل خطرا امنيا وعسكريا اكثر من المخيمات الفلسطينية المنتشرة في مناطق محدودة، اكثرها كثافة مخيم عين الحلوة او المخيمات السورية للنازحين، فهي على كامل التراب اللبناني، وان بعض مراكز الايواء باتت “كانتونات” خاصة بالسوريين، وبعضهم يتوزعون في بيروت وضواحيها كنواطير بنايات وبدؤوا ينسقون فيما بينهم، وان المواطنين لاحظوا في اكثر من مدينة وبلدة انه عندما يحصل اشكال للبناني مع سوري او العكس، فان الدعم من النازحين للسوري يفوق ذلك الذي يتلقاه اللبناني.

والتخوف من ان تكون اشتباكات مخيم عين الحلوة في اماكن وجود النزوح السوري، حيث البؤر الامنية تستخدم على التوقيت الخارجي لجهة تثبيت النزوح السوري في لبنان، وهذا لن يتم الا بحدث امني يوصل الى اتفاق او تسوية بين مرجعية النازحين السوريين الممثلة بالمفوضية العليا للاجئين على ابقاء النازحين، كما اقر البرلمان الاوروبي وترغب الولايات المتحدة ولا تمانع الامم المتحدة، فيكون اي اشكال امني مؤجلا لفرض اتفاق يقبله لبنان لبقاء السوريين فيه.

ولذلك، فان الدول التي تصلها تقارير امنية وديبلوماسية باتت تتخوف من حصول حادث امني يبدأ في مخيم النازحين السوريين ويتحول الى اشكال امني قد يتسبب بصراع لبناني – سوري وفق مصدر وزاري متابع لملف النازحين، والذي لا يرى خيرا سيأتي على لبنان من دول اوروبية واميركا بشأن ملف النزوح ، بل هو مادة للتفجير للاخذ من لبنان موافقته على عدم عودتهم الآمنة، كما تسعى الحكومة ويعمل وزير شؤون المهجرين عصام شرف الدين على ذلك، بل التراجع عن برنامج العودة.

وهذا القلق الامني من تجدد اشتباكات عين الحلوة وتوسعها وحصول اشكال امني لبناني – سوري، هو ما ترك البعثات الديبلوماسية تقرأ ما ينتظر لبنان امنيا، وتحذر رعاياها من ان يبقوا فيه، وهذا ما صدر عن السعودية ولم تتأخر دول اخرى عن ارسال رسائل الى رعاياها في لبنان، لعدم زيارة مناطق التوتر او لن يغادروا، حيث اكد مرجع امني على ان الوضع الامني ممسوك حتى الآن، بالرغم من ضعف الامكانات المادية.

والتفجير الامني الواسع تتخذه دول، فهل ستسمح به في لبنان الذي يعود الهدوء الحذر فيه الى قرار دولي – اقليمي، ثم فك حظر الحرب عنه؟

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock