نوري جاسم
الطريقة العلية القادرية الكسنزانية ليست مجرد طريقة صوفية تقليدية؛ بل هي مدرسة فكرية وروحية تجمع بين العمق الروحي والرؤية الشاملة للعالم والإنسان، وتهدف إلى تحقيق التوازن بين الجوانب الروحية والمادية في حياة الإنسان، وتتميز الكسنزانية بتوجهها الإنساني الشامل الذي يتجاوز الحدود الثقافية والدينية، مما يجعلها تجربة روحية عابرة للزمان والمكان، حيث تؤمن بأن الروح الإنسانية هي الجوهر الأسمى الذي يجب أن يُنمّى ويُعتنى به، وأن السلام الداخلي هو الأساس لتحقيق السلام الخارجي، وتشدد الكسنزانية على أهمية المعرفة الروحية والفكرية كوسيلة لتحقيق الكمال الإنساني، فهي لا تقتصر على العبادة والذكر، بل تدعو إلى التأمل والتفكر في الكون والحياة، وترى أن الحكمة تكمن في التوازن بين القلب والعقل، وبين الدين والعلم، وتعتبر الكسنزانية أن الحب هو المحور الأساسي للتجربة الإنسانية، فالحب الإلهي هو الغاية التي يسعى الإنسان للوصول إليها من خلال الحب، حيث يتمكن الإنسان من تجاوز ذاته المحدودة والانفتاح على الآخر، مما يعزز من روح التسامح والتعايش بين البشر،
طريقة علمية
وفي السياق الاجتماعي تسعى الطريقة العلية القادرية الكسنزانية إلى بناء مجتمع متكامل يقوم على مبادئ العدل والمساواة والاحترام المتبادل، وتشجع على العمل الخيري والخدمة الاجتماعية، وترى أن السعي لتحسين حياة الآخرين هو جزء أساسي من الرحلة الروحية والأخلاقية والإنسانية الشاقة الشيقة مع الأستاذ والمربي والمعلم في الطريقة، وتتصف الكسنزانية بالمرونة والانفتاح على مختلف الأفكار والتجارب الإنسانية، مما يجعلها بيئة خصبة للحوار والتبادل الثقافي، فهي تعتبر أن الحكمة يمكن أن تكون ولو بنسبة في كل الحضارات والأديان، وأن الحقيقة متعددة الأوجه ولا يمكن حصرها في إطار واحد، ومن خلال هذا الأفق الواسع والرؤية الشاملة، تسعى الكسنزانية إلى إرساء أسس عالم أكثر إنسانية، حيث تتضافر الجهود لتحقيق الرقي الروحي والمادي للإنسانية جمعاء. إنها دعوة للتأمل العميق في معنى الحياة ودور الإنسان في الكون، ولإعادة النظر في قيمنا ومبادئنا لتحقيق مستقبل أفضل للبشرية. وتظل الكسنزانية رمزاً للبحث المستمر عن الحقيقة والمعرفة، ومنهجاً لتحقيق التوازن والانسجام بين الروح والعقل، وبين الفرد والمجتمع، في مسعى دائم نحو الكمال الإنساني، أن الطريقة العلية القادرية الكسنزانية تعتبر جسراً بين التراث الصوفي العريق والتحديات المعاصرة التي يواجهها الإنسان اليوم، فهي تستفيد من الحكمة الصوفية القديمة لتقديم حلول عصرية للمشكلات الروحية والنفسية التي يواجهها الأفراد في العالم الحديث، وهذا النهج يخلق جسراً بين الماضي والحاضر، مما يتيح للإنسان فرصة الاستفادة من التجارب الروحية العميقة التي أبدعتها الإنسانية عبر التاريخ، حيث تُولي الكسنزانية أهمية كبيرة للتربية الروحية للأجيال الناشئة، وترى أن تنشئة الأطفال والشباب على قيم الحب والتسامح والتفكر والتأمل يضمن مجتمعاً أكثر استقراراً وتماسكاً في المستقبل، وتؤكد على أن التعليم الروحي يجب أن يكون جزءاً لا يتجزأ من التعليم العام، بحيث ينمو الفرد متوازناً بين العلم والدين، بين المادي والروحي في هذا السياق، وتشجع الكسنزانية على الحوار بين الأديان والثقافات المختلفة، وهي تؤمن بأن الحوار الصادق والمفتوح يمكن أن يسهم في بناء جسور التفاهم والتعايش السلمي بين الشعوب، فكل دين وحضارة يحملان في طياتهما جوانب من الحكمة الإنسانية، والتفاعل مع هذه الجوانب يمكن أن يُثري تجربة الفرد الروحية والفكرية، ومن الجدير بالذكر أن الكسنزانية لا تسعى إلى فرض أفكارها على الآخرين، بل تطرح رؤيتها كخيار والتي يمكن للإنسان أن يستفيد منها، وهذا الانفتاح يجعلها جذابة للعديد من الباحثين عن معنى أعمق للحياة، وبغض النظر عن خلفياتهم الثقافية أو الدينية تسعى الكسنزانية أيضاً إلى أن تكون قوة دافعة للتغيير الاجتماعي الإيجابي، فهي تدعو إلى محاربة الظلم والفقر والفساد، وتؤكد على أن تحقيق العدالة الاجتماعية هو جزء لا يتجزأ من السعي والبناء الروحي ، وترى أن الروحانية الحقيقية يجب أن تنعكس في أفعال الإنسان وسلوكه تجاه الآخرين، وأن تكون مصدر إلهام لتحسين المجتمع والعالم وأخيراً، فإن الكسنزانية برؤيتها الشاملة والمتكاملة، تقدم نموذجاً فريداً للتعايش بين الروحانية والحياة العملية، وتدعو إلى أن يعيش الإنسان حياته بكل جوانبها، مستلهماً من القيم الروحية التي تعزز من إنسانيته وتجعله أكثر قدرة على مواجهة تحديات الحياة بثقة وحب وسلام، وبهذا الأفق الواسع والرؤية الشاملة، تظل الكسنزانية رمزاً للسعي الإنساني نحو الكمال والتوازن، ونموذجاً للتفكير العميق في دور الإنسان ومكانته في هذا الكون، وإنها دعوة دائمة للبحث عن المعنى الأعمق للحياة ولتحقيق التناغم بين الروح والعقل في رحلة الإنسان نحو الكمال الروحي والمادي، وصلى الله على سيدنا محمد الوصف والوحي والرسالة والحكمة وعلى آله وصحبه وسلم تسليما ..