أخبار عربية ودولية

“الخوف الاسرائيلي” من “هولوكوست” ردّ إيران و”حزب الله”!

| علاء حسن |
منذ انتهاء الحرب العالمية الثانية وإلى يومنا هذا، واليهود يقومون بابتزاز المجتمع الدولي تحت ذريعة تعرضهم لـ”المحرقة” من قبل القوات النازية، والمعروفة بإسم “الهولوكوست”. وفي هذا الإطار، يستحصل اليهود على “الخوّات” المختلفة الأنواع: اقتصادي، مالي، سياسي، عسكري… من عدد كبير من الدول في العالم. وقد نجحوا في كسب التعاطف العالمي من خلال إظهار “مظلوميتهم” على مدى عقود من الزمن، حتى قيل إن الرسوم المتحركة الشهيرة TOM & JERRY بُنيت وفق نظرة الغرب لليهود آنذاك، والتي كانت قائمة على أن اليهود مجرد جرذان، ما حدا بصناع الرسوم الأشهر على مستوى العالم إلى تغيير الصورة النمطية تجاه الفأر “جيري”، بل وإعطائها صورة المنتصر الدائم رغم ضعفه قياساً بالقط “توم”.

ينطبق هذا الأمر على ما يحصل اليوم إثر قرار محور المقاومة الرد على جرائم الاغتيال التي ارتكبها الكيان في لبنان وايران، وعدوانه على اليمن، حيث أنه وعلى الرغم استبعاد حصول هجوم عسكري واسع النطاق، إلا أن طريقة تعامل الكيان مع هذه الضربات أوحت للعالم أن تهديداً وجودياً يتعرض له، وأن ثمة هجوماً سيتعرض له الكيان سيقتلعه عن بكرة أبيه. وهذا ما ظهر من خلال تجهيز الملاجئ، وتفعيل منظومات الدفاع الجوي، والعملية التموينية التي قام بها المستوطنون، بالإضافة إلى الرعب الكبير الذي ظهر على هؤلاء وقادتهم. صحيح أن اليهود يخشون الموت بشدة، حتى أن القرآن الكريم أشار إلى هذه النقطة في الآية 96 من سورة البقرة حيث قال تعالى: “وَلَتَجِدَنَّهُمْ أَحْرَصَ ٱلنَّاسِ عَلَىٰ حَيَوٰةٍۢ وَمِنَ ٱلَّذِينَ أَشْرَكُواْ ۚ يَوَدُّ أَحَدُهُمْ لَوْ يُعَمَّرُ أَلْفَ سَنَةٍۢ”. لكن السردية التي يطرحها الكيان، تتخطى العقلانية في التعامل مع الحدث، وذلك على الرغم من التقديرات الاستخبارية التي يمتلكونها، ويعلمون أن حدود الضربات لن تتخطى مستويات دمار أو قتل معينة. فما الذي دفع بالكيان إلى الإستغاثة بالحلفاء وتحشيد القوى معه؟!

لقد أراد الكيان الصهيوني استغلال الوضع إلى حده الأقصى، من خلال تحويل التهديد إلى فرصة، وذلك عبر بث هذا الكم الكبير من مشاهد الخوف، بالإضافة إلى تصريحات القادة السياسيين والعسكريين، لتحقيق أكبر قدر ممكن من التعاطف الدولي في هذه المرحلة الحساسة، بالإضافة إلى جعل دوائر القرار والمجتمعات تنسى حجم الإجرام الصهيوني في الأشهر العشرة الماضية، فتتحول الأنظار إلى “الوحوش” الذين سيستهدفون الكيان لمجرد أنه قام باغتيال شخصيات “مصنّفة” عندهم بأنها شخصيات “إرهابية”، وهو قام بتخليص العالم من “شر هؤلاء الإرهابيين”. فيضرب عدة عصافير بطلقة واحدة: أولاً يعيد تحشيد التحالف العسكري حوله، مثلما حصل بداية “طوفان الأقصى”.

وثانياً يرفع منسوب التأييد والتعاطف العالمييْن معه. وثالثاً وأخيراً، يقيّد محور المقاومة بمستوى معين من الرد، نتيجة للخناق السياسي الذي يفرضه عليه من خلال ما قد سبق.

وفي هذا السياق، نرى تهافت الدول لاحتواء الموقف من خلال التواصل مع الجمهورية الإسلامية من جهة ومع “حزب الله” من جهة أخرى، لمعرفة النوايا الحقيقية لهؤلاء، ومحاولة تخفيف الضربة على الكيان، منذ الإعلان الرسمي للاستشهاد.

أدى هذا التهافت الدولي إلى ما أعلنته “دول الوساطة” من تقدم في موضوع وقف إطلاق النار في غزة، لمحاولة لتكبيل المحور أكثر في موضوع الرد، خصوصاً مع تحديد موعد الخامس عشر من آب الجاري، وتأييد مختلف الدول لهذا المقترح، وبالتالي تحقيق النتيجة السياسية للاغتيالات، وهي إما كسر المقاومة، وإما التوقف عن القتال من موقع المنتصر.

وصحيح أن اللعبة السياسية تفرض عموماً على المحور، في هذه الأيام، عدم تحمل مسؤولية فشل مساعي التهدئة من خلال أعمال قد تجهض هذا المجهود الحالي، إلا أن الأمين العام لـ”حزب الله” السيد حسن نصر الله كان قد استدرك هذه المناورة قبل حصولها من خلال فصل مسار الإسناد عن مسار الرد أولاً، وهو ما يعني أن المقاومة ستكون ملزمة بتوقف عملياتها في حال حصول وقف لإطلاق النار، لكنها ليست ملزمة بعدم الرد كما يحاول الطرف الآخر الربط بين المسارين.

والأمر الثاني، هو التحدث عن عدم مصداقية الولايات المتحدة في هذا الخصوص، وأنها لو جادة في ما تقول، لاستطاعت تحقيقه، ولذا أسماه “النفاق الأميركي البشع والوقح”. بل ذهب السيد نصر الله أبعد من ذلك من خلال القراءة التي قدمها في ذكرى أسبوع الشهيد السيد فؤاد شكر، حول الأهداف الصهيونية لاستمرار المعركة، كي يكون سباقاً في إلقاء اللوم في حال عدم نجاح مساعي التهدئة.

وعليه، من المتوقع أن يتلقّف محور المقاومة هذه المناورة، ويتعامل معها من خلال تصعيد في عمليات الإسناد، وبعده التدرج في الرد بما يدفع باتجاه وقف إطلاق النار. وفي حال لم يرضخ العدو لوقف إطلاق النار، يبقى تهديد المستوى الأعلى في الرد قائماً، ويصبح هذا التهديد بمثابة ضمانة فعلية لوقف إطلاق النار واستمراره.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock